مردخاي مانويل نواه: ﺳِﻴﺮَﺓ

ولد: 14 يوليو 1785، فيلادلفيا؛
توفي: 22 مايو 1851، نيويورك
كان مردخاي مانويل نواه دبلوماسيًا وكاتبًا مسرحيًا وصحفيًا وحالمًا طوباوياً وناشطًا يهوديًا أمريكيًا. وُلِد في 14 يوليو 1785 في فيلادلفيا، وكان من أصول سفاردية برتغالية. كان جده، جوناس فيليبس، عضوًا نشطًا في المجتمع اليهودي، حيث أسس كنيس “ميكفيه إسرائيل” السفاردي وتولى رئاسته في فيلادلفيا. عندما كان مردخاي في السادسة من عمره، توفيت والدته زيبوره، ثم اختفى والده بعد ذلك بفترة قصيرة، فتولى جده جوناس رعايته. وقد كان لهذا الجد الفضل في تعليمه الكثير عن التاريخ اليهودي.
أصبح نواه كاتبًا مسرحيًا وحقق بعض النجاح، لكنه لم يتمكن من كسب لقمة العيش من هذا المجال. لذا، حاول الدخول في السياسة، وعُيِّن قنصلًا أمريكيًا في تونس عام 1813 وهو في الثامنة والعشرين من عمره. نجح في التفاوض للإفراج عن الأسرى الأمريكيين الذين احتجزهم قراصنة البربر. غير أنه تلقى رسالة من وزارة الخارجية الأمريكية موقعة من قبل وزير الخارجية آنذاك والرئيس المستقبلي جيمس مونرو جاء فيها: “عند تعيينك قنصلًا في تونس، لم يكن معروفًا أن الدين الذي تعتنقه سيشكل عائقًا أمام أداء مهامك القنصلية. غير أن المعلومات الأخيرة، التي يمكن الاعتماد عليها، تؤكد أنه سيؤدي إلى تأثير سلبي… وبناءً عليه، قرر الرئيس إلغاء تعيينك”. وبعد الإفراج عن الأسرى الأمريكيين، عاد نواه إلى الولايات المتحدة حيث حصل على مستحقاته المالية كاملة، ولم يُشر مرة أخرى إلى موضوع الدين. لاحقًا، عمل صحفيًا وتم تعيينه شريفًا (مسؤولًا أمنيًا) لمقاطعة نيويورك.
في عام 1825، طرح مردخاي مانويل نواه خطة لإنشاء منطقة يهودية في الولايات المتحدة. اختار جزيرة “غراند آيلاند”، وهي منطقة غابية في نهر نياجرا، لاعتبارها ملاذًا مؤقتًا لليهود من جميع أنحاء العالم. أطلق على هذا الملاذ اسم “أرارات”، تيمنًا بجبل أرارات الذي استقرت عليه سفينة نوح وفقًا للكتاب المقدس. آمن نواه بأن الوقت قد حان لإنشاء دولة يهودية. في عمله “خطاب حول استعادة اليهود” كتب: “اليهود الآن في وضع مناسب لاستعادة الأرض الموعودة، وتنظيم حكومة حرة وليبرالية”.
واستشهد في نصه بالتحولات السياسية التي وقعت خلال السنوات الخمس والعشرين السابقة، قائلًا: “شهد الشرق تحولات عظيمة… فقدت تركيا اليونان… واستولت مصر على سوريا… أُجبر محمد علي باشا على إعادة سوريا إلى تركيا مقابل حصوله على حكم وراثي في مصر… وروسيا تتقدم بثبات نحو تركيا في أوروبا”.
حاول التواصل مع قادة المجتمع اليهودي للحصول على الدعم، لكن الرد كان سلبيًا بشكل شبه كامل. رأى يهود أوروبا الغربية والوسطى أنهم ليسوا بحاجة إلى مدينة لجوء، بينما حُظر نص نداء نواه في الإمبراطورية الروسية والنمساوية-المجرية.
وكتب عن ذلك: “لم يستجب اليهود في أوروبا الغربية والوسطى لهذا النداء، لأنهم اعتقدوا أنهم ليسوا بحاجة إلى ملاذ آمن. أما يهود أوروبا الشرقية، فلم تصلهم الدعوة لأن الشرطة في الإمبراطورتين الروسية والنمساوية-المجرية صادرت النص ومنعت نشره”.
رغم إيمانه بضرورة تأسيس ملاذ مؤقت لليهود في الولايات المتحدة، أكد نواه أن هذا الحل ليس دائمًا، وكتب: “فشلت جميع المحاولات السابقة لتوطين اليهود في بلدان أخرى؛ فقد بقيت أعينهم دومًا متجهة نحو القدس الحبيبة، قائلين: ‘سيأتي اليوم ويتحقق الوعد'”. وحدد خطته لعودة اليهود إلى وطنهم في خطوات، كان أولها “التواصل مع السلطان العثماني لطلب السماح لليهود بشراء الأراضي، وبناء المنازل، وممارسة الأعمال التي يرغبون فيها، دون مضايقات وبأمان تام”.
وأضاف في خطته: “إن الخطوة الأولى هي التوجه إلى السلطان العثماني وطلب إذنه لشراء الأراضي، وبناء البيوت، وممارسة الأنشطة الاقتصادية بحرية. ينبغي لليهود أن يكونوا قادرين على العيش بأمان وكرامة، وأن يتمكنوا من المشاركة في بناء مجتمعهم من جديد في أرض أجدادهم”.
ورغم فشل مشروع “أرارات”، لم يؤثر ذلك في مكانة نواه في الولايات المتحدة. واصل العمل والمشاركة الفاعلة في حياة المجتمع اليهودي حتى وفاته في 22 مايو 1851.