عبد الرحمن الكواكبي: ﺳِﻴﺮَﺓ

عدد المشاهدات: 13
Ma'akomm

ولد: يوليو 1854، مدينة حلب، سوريا

توفي: يونيو 1902، مدينة القاهرة، مصر

وُلد عبد الرحمن الكواكبي عام 1855م في مدينة حلب، ويُعد مفكر إصلاحي إسلامي سوري . فقد والدته صغيرًا فتولت خالته رعايته وألحقته بالمدارس الأهلية، حيث تعلم العربية والتركية والفارسية، ودرس العلوم الشرعية بمدرسة أسرته. إلى جانب اهتمامه بالرياضيات والطبيعة والمنطق والسياسة.

  تأثر عبد الرحمن الكواكبي بأفكار الإصلاح الديني والسياسي التي طرحها جمال الدين الأفغاني ورشيد رضا. بعد دراسته للفقه والشريعة، توسع في الأدب والعلوم الطبيعية والرياضيات، بدأ حياته الصحفية محررًا بجريدة “الفرات” الرسمية. ثم أسس مع زميله هشام العطار جريدة “الشهباء” لكنها أُغلقت بعد 15 عددًا بسبب انتقادها اللاذع للسلطات العثمانية. تقلد عدة مناصب رسمية بحلب، منها رئيس البلدية وعضو محكمة التجارة، سافر إلى الهند والصين وسواحل إفريقيا، واستقر بمصر حيث ذاع صيته وتتلمذ عليه كثيرون. كرس حياته للإصلاح ومحاربة الاستبداد العثماني مما جعله هدفًا للسلطان عبد الحميد الثاني، الذي يُقال إنه أمر بتسميمه عام 1902م.

 يُعد الكواكبي من رواد النهضة العربية ومؤسسي الفكر القومي، واشتهر بكتابه “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” الذي يُعد من أبرز الدراسات حول الاستبداد السياسي، كان الكواكبي يرى أن الاستبداد هو أصل كل فساد ولا نهضة للأمة بدونه. واعتبر أن استبداد الجهل على العلم واستبداد النفس على العقل هما من أبرز أشكاله، كان يرى أن الإنسان خلق حرًا وقائدُه العقل لكنه غالبًا ما يختار الجهل كقائد له. كما اعتبر أن المستبد هو شخص عاجز لا قوة له إلا بمساعدة أعوانه الذين يدعمون الظلم. أضاف أن تراكم الثروات يؤدي إلى تعزيز الاستبداد ويضر بأخلاق الأفراد، كان الحل الذي قدمه الكواكبي هو الشورى الدستورية كعلاج لهذه المشكلة.

وعمل المترجم عماد العلي على نشر فكر الكواكبي في أوروبا، مؤكدًا أن الاستبداد الذي تعاني منه الشعوب العربية لا يمثل جوهر الثقافة الإسلامية، بل هو عقبة أمام فكر نهضوي أصيل. كما أوضح أن فكر الكواكبي لا يمكن تصنيفه في أيديولوجية محددة بل كان دعوة للتحرر السياسي والاجتماعي.

كان عبد الرحمن الكواكبي جزءًا من حركة النهضة العربية التي نشأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، في فترة تدهور الإمبراطورية العثمانية وازدياد النفوذ الأوروبي في الشرق الأوسط . سعى الكواكبي لإحداث تغييرات إصلاحية داخل المجتمع، مع التركيز على العلاقة بين الدين والسياسة وارتباط الاستبداد بالسلطة، قدم أفكاره في كتابيه “أم القرى” و”طبائع الاستبداد”، حيث كان يعارض الاستعمار العثماني ويرغب في نقل السلطة إلى العالم العربي. اعتقد أن تدهور الأمة العربية يعود إلى أسباب دينية وسياسية واجتماعية، ورغم تأثره ببعض المفكرين الغربيين، إلا أن آراءه كانت أصلية وتعكس اهتمامه العميق بالقضايا السياسية والاجتماعية.

فيرى الكواكبي أن التدهور الذي أصاب الأمة العربية يعود إلى ما أسماه “الفتور العام”، وهو مرض اجتماعي ناتج عن ثلاثة أسباب رئيسية: الجهل الديني، الاستبداد السياسي، والمشاكل الأخلاقية، يعتقد أن الجهل واستخدام الدين لأغراض سياسية هما السبب في فساد المجتمع. بينما يعزو التدهور السياسي إلى استبداد الدولة التي تسيطر على الموارد والسلطة، مما يسبب غياب الحريات وانتشار الظلم، يدعو الكواكبي إلى الإصلاح من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية والتعليم الديني الصحيح، مع التأكيد على حرية التعبير. ويرى أن الحل يكمن في بناء دولة إسلامية مركزها الروحي مكة، بعيدًا عن الطائفية والديكتاتورية بهدف إحياء الأمة وتجديد قوتها.

في مايو 2002، اجتمع عدد من العلماء العرب في مؤسسة فرنسية بحلب للاحتفال بالذكرى المئوية لوفاة عبد الرحمن الكواكبي، حيث تم مناقشة قضايا الإصلاح الإسلامي والاجتماعي والهوية والسعي لإحياء الذات، كما أشار ماهر الشريف، أحد المتحدثين فإن هذه المناقشات لم تحقق تأثيرًا كبيرًا بسبب غياب الدعم الشعبي. حيث كان المثقفون بعيدين عن المؤسسات الحكومية والتعليمية. بعد عشر سنوات في مايو 2012 أصبحت حلب مسقط رأس الكواكبي، ساحة معركة دامية خلال الربيع العربي بين الميليشيات الإسلامية، الشباب الثوار، وقوات النظام، وكل منهم يحمل تفسيرات مختلفة للإصلاح والحرية.

 وبعد مرور 120 عامًا على وفاته لا يزال السوريون يواجهون قضايا تتعلق بالأفكار التي طرحها الكواكبي مما يستدعي العودة إلى دراستها لفهم واقع اليوم في سوريا والشرق الأوسط، أشار الكواكبي إلى الترابط بين الاستبداد الديني والسياسي الذي يعيق التغيير التقدمي، وقدم اقتراحًا بإصلاح من الداخل يشمل الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية. بينما أصبح فصل الدين عن الدولة أصبح أكثر تحديًا اليوم، اعتبر أن الحل يكمن في بناء دولة مدنية وهويات متعددة الطبقات.

كان الكواكبي يرى أن مقاومة الاستبداد يجب أن تكون سلمية وبخطوات تدريجية، وهو ما يتوافق مع الحركات السلمية التي ظهرت في السنوات الأخيرة. لكن هذا النهج قد يواجه تحديات في ظل التدخلات العسكرية، كما كان يركزعلى أن الإصلاح يجب أن يكون من الداخل بعيدًا عن التأثيرات الخارجية، مع تأكيده على أن مقاومة الاستبداد تتطلب تطورًا تدريجيًا داخل المجتمع وليس عبر الثورة فقط.

0

Your Cart